المدينة في سطور

الرئيسية / سطور

عن المدينة التربوية

إنها المدينة التربوية “معطى مولانا” التي تطمح إلى أن تكون نموذجا تربويا يساهم في البحث عن حل لما تواجهه الأمة الإسلامية اليوم من مشاكل، والإجماع اليوم يكاد ينعقد على أن مفتاح حل تلك المشاكل يكمن فيالتربية.

إن مشروع المدينة التربوية هو محاولة لخلق وضعية تأسيسية يمتزج فيها البعد التقليدي للمحافظة على القيم والمبادئ الإسلامية والبعد الحديث للتعايش مع الحضارة العصرية، ودمج ذلك مع منطق الحياة والواقع وعيش اللحظة بطريقة تشكل نموذجا مدنيا محافظا على القيم الأصيلة، واعتماد منهج  لا يتخلى كليا عن مبادئ العيش التقليدية، كما لا يغالي في الارتباط بوسائل العيش الحديثة، والسعي إلى التمسك بهذا النهج وتطبيقه كأساس لتسيير الشؤون الحياتية، واعتماده منهجا للإبقاء على قوة اللحمة الاجتماعية دونما شوائب فيه، لا بعوائق حديثة ولا بعراقيل قديمة.

والحقيقة أن هذه الفكرة ليست وليدة اليوم وإنما كانت وراءها رؤية ثاقبة, وعزم أكيد, وجهد جبار, انطلق يوم أطلق مؤسسها الشيخ محمد المشري نداءه داعيا قومه إلى التحضر الواعي المستفيد من إيجابيات الحضارة المعاصرة مع الحفاظ على القيم والمبادئ الراسخة للبادية.

واستجاب القوم يومئذ لذلك النداء وبدأت قرية معطى مولانا سنة 1958. ومع مرور الزمن ظل العطاء العلمي والتربوي للقرية يتنامى، فتطورت زاويتها الصوفية و محظرتها، كما تعددت بها المدارس النظامية.

وبفعل التطور الذي حصل والنمو الذي تحقق، اتجه التفكير إلى تجسيد الرؤية التي أسست القرية أصلا من أجلها في مدينة تربوية تضم العديد من المشروعات التي تخدم مختلف أوجه الحياة.

و اليوم تقوم المدينة التربوية على نظام تربوي جماعي يسعى إلى توفير جو مناسب للمدرسة يربط بالمسجد، وينظم شؤون البيت والشارع برفق وواقعية, وهو يغطي مجالات التربية المختلفة التي تتم في إطار الزاوية الصوفية, ومحضرة العلوم الشرعية وأزيد من 30 مدرسة قرآنية، فضلا عن المشاريع الداعمة الأخرى. والطابع العام للمشروع التربوي هو العمل على الموازنة بين الأصالة والمعاصرة وخدمة الدين دون نسيان الدنيا.

ويتم تجسيد هذا المشروع في جو تملؤه رغبة صادقة لدي جميع سكان المدينة التربوية في تجاوز الفوارق العرقية والقبلية والاجتماعية، و البحث عن الانسجام والأمان الروحي، ويعتمد النظام الاجتماعي على الالتزام التام بهذه المبادئ.

ولاشك أن نجاح هذه التجربة تحتاج إلى تضافر الكثير من الجهود.

ويبدأ ذلك بتبادل الآراء، ونحن هنا نفتح القلوب والأبواب ونرجوا لتعاون مع كل الصالحين والمصلحين. وقد نستفيد من آراء كل الناس لاسيما إخوتنا في الإيمان الذين يفهمون دور التربية في إصلاح الأمة ووحدتها وعودتها إلى عزتها، ونستفيد أيضا بالحوار والتبادل الثقافي مع الذين يدركون أثر التربية في تقارب بنى آدم وتفاهم الشعوب ووحدة أصلهم ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾. صدق الله العظيم.

أين تقع مدينة معطى مولانا؟

تقع قرية معطى مولانا في ولاية الترارزة، جنوب شرق مدينة انواكشوط عاصمة موريتانيا على بعد 180.وتبعد مسافة 68 كلم جنوب غرب أبي تلميت، و 50 كلم شمال الركيز و 18 كلم شمال غرب برينة.

تأخذ الرحلة من نواكشوط إلى معطى مولانا بالسيارة نحو ثلاث ساعات أغلبها على طريق الأمل المعبد، والباقي يقع في طريق يعبر سهلا رمليا يمتد على مسافة 50 كيلومترا.

تقع قرية معطى مولانا على خط طول 15,14د، وخط عرض 17,31د.

لقد تم اختيار هذا الموقع المعزولعن وعي لضمان الابتعاد عن مغريات الدنيا والعيش بزهد ضمن جو من الاخلاق والعلم والتعاون والتماسك.

من تاريخ المدينة

الرؤية والهدف

ظلت الحياة البدوية والارتحال السمة الغالبة على المجتمع الموريتاني, وخاصة سكان الترارزة في فترة الاستعمار وما قبلها, حيث أن الشناقطة ظلوا لقرون عديدة أهل بادية ينتجعون المراعي ويتتبعون مساقط القطر, وكانت مراكز الاستقرار نادرة. وفي منطقة العقل كان التِرحال هو الغالب، وكانت البادية هي المركز الرئيسي للعلم في بلاد شنقيط  طيلة تلك القرون  حتى صدق عليهم قول قائلهم:

قد اتخذنا ظهور العيس مدرسة   

بها نبين دين الله تبيانا

وفي النصف الثاني من القرن العشرين ونتيجة للظروف التي أعقبت الحرب العالمية الثانية وتتالي سني الجفاف، وانتشار الوعي السياسي والتطور الذي شهده البلد أدى كل ذلك إلى نشوء وعي حضري ومدني ولّد لدى البعض رغبة في إقامة التجمعات القروية، فرأى بعض المصلحين ضرورة التوجه نحو تحضر واع، يستفيد من إيجابيات الحضارة المعاصرة مع المحافظة على القيم والمبادئ الراسخة. وكان من أبرز هؤلاء الإمام العالم العارف بالله محمدالمشري الذي كان منذ شبابه يرى سلبيات في عدم استقرار البادية, وفي فهم سريع منه لسير الزمن دعا قومه للتحضر قائلا:

أســادتنـا إن التحضـر نـعـمة

من الله عظمى فاقطعوا نحوه شوطا

ولا تجنحوا للبدو و اسعـوا لغـيره

وخطوا على أطلاله كلــها خطـا

وليس بشرط في التحضـر أن يرى

لأرض بها نفط أو أرض بها أرطى

فاستجابت مجموعة من الأسر لذلك النداء،  فتأسست  قرية معطى مولانا سنة 1958م. و كان عدد سكان القرية أول يوم نحو 300 ساكنا من بينهم 30 من طلاب القرآن (بنين وبنات)، وفي السنة الثالثة بعد التأسيس وبالتزامن مع استقلال البلاد بدأت المدرسة الابتدائية بـ 25 طالبا (ذكورا فقط).

لقد استلهم الشيخ محمد المشري فكرة تأسيس معطى مولانا من مدينة رسول الله rحيث سعى إلى إنشاء مجتمع يتأسى ويقتدي بصحابة رسول الله rممن آووه ونصروه وهاجروا معه, مما عمل على ترسيخ وحدة روحية جعلت من ذلك المجتمع أسرة واحدة وجسدا واحدا متآخين متحابين بناء على أن دور الإنسان في هذه الدنيا محصور في عبادة الخالق ونفع المخلوق.

وهكذا أصبحت معطى مولانا دار هجرة تأوي إليها شتى القبائل والأفراد الذين هاجروا من أوطانهم ابتغاء مرضاة الله لتجدوا فيها فضاء يعين على العبادة كما يجدون في شيخها محمد المشري مربيا ومرشدا.

وعندما تم تأسيس قرية معطى مولانا (التربوية) كانت الرؤية الكامنة وراء ذلك تقوم على اختيار مكان مناسب للتحضر يتجنب مفاسد المدن عن طريق العزلةالواعية المقصودة والاهتمام بمكارم الأخلاق، والتوفيق بين التعليم الشرعي والعصري سبيلا إلى تأسيس مجتمع جديد مدني لا يقوم على النظام القبلي ويضمن الحد الأدنى للتنمية ووسائل الحياة الطيبة، و أن يكون كل فرد من سكان معطى مولان امستفيد اومفيدا شعاره ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ويكون عنده في نفس الوقت مايعلِّمه ويفيدبه .وقد تم  تجسد هذ الرؤية  عمليا من خلال منهج يقوم على دعائم من بينها العلم والعمل والأخوة في الله و التعاون والتكامل والتضحية والاعتماد على الذات.

 

العمل الجماعي  في بناء المسجد

 

لقد ربي  الشيخ محمد المشري أبنا ء معطى مولانا على أن يكونوا على استعداد للقيام بأي دور أو وظيفة تسند إليهم من بناء أو تعليم أو تجارة أو حراثة أو غيرها، وقد قام  سكان القرية على مر الزمن بمختلف  المهامعلى أحسن وجه،  فمنهممن تفرغ للتعليم وعمارة المسجد،  كما تخصص البعض منهم في البناء،  ومنهم من تولى الإشراف على البئر والسقاية ومنهم من اهتم بالزراعة وآخرون اهتموا بتنمية المواشي. مع أنه في بعض الأحيان كانت الظروف تتطلب أن يعمل الجميع في نفس العمل أو يتبادلون الأدوار.

كانت و ما تزال عند سكان قرية معطى مولانا مواسم عديدة يجتمعون فيها فيما يمكن وصفه بأنه دورات تربوية مكثفة ومن أهم تلك المواسم موسم رمضان الذي تتضاعف فيه مجالس الذكر وختمات القرآن الكريم، كما يستمعون فيه للتفسير فضلا عن حضورهم صلاة التراويح. 

ومن تلك المواسم أيضا موسم شهر ربيع الأول الذي يعمرونه بدراسة السيرة وشمائل النبي صلى الله عليه وسلم ومدائحه، وتبلغ تلك الاحتفالات ذروتها في حفلة الاسم النبوي في العشرين من ربيع الأول.

 

Scroll to Top