تشكل محظرة معطى مولانا امتدادا لمحاظر العلويين العريقة التي ينتمي إليها علماء أفذاذ دوت شهرتهم في مشارق الأرض ومغاربها ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: القاضي عبد الله (الغاظي) الذي عرف بقاضي إمارة لبراكنة. ومنهم حفيده العلامة سيدي عبد الله بن رازكه، والعلامة حرمة بن عبد الجليل وغيرهم، وفضلا عن ذلك الأساس المتين لهذه المحظرة فقد غذتها فيما بعد روافد عديدة ترجع إلى أسر علمية مشهورة في موريتانيا، وظل عطاؤها يتنامى مع مرور الزمن سواء في جانبها القرآني أو في جانب العلوم الأخرى، وقد تولى التدريس في هذه المحظرة عدة شيوخ هم إما خريجو محاظر شهيرة أو شيوخ محاظر استقروا في هذه القرية، وكان الطلاب يتوجهون إلى كل عالم من هؤلاء في داره يقرؤون عليه ما يرغبون في دراسته من متون، حيث لم يكن للمحظرة في مراحلها الأولى مكان محدد، وقد ساهم في تأسيس هذه المحظرة ورعايتها في طورها الأول إلى جانب شيخها ومؤسسها الشيخ محمد المشري، شخصيات علمية معروفة. وكان لكل شيخ من هؤلاء تخصص فمنهم من كان يدرّس التجويد، ومنهم من كان يدرس الفقه والنحو أو غيرهما.
ومرت المحظرة بتجربة جادة مليئة بالمحاولات الموفقة في البحث عما هو أكمل وأفضل، وآثرت في أساليبها المحافظة علي الطابع التقليدي للمحظرة من اعتماد المتون وحفظها وفهم محتوياتها حسب تعدد وتنوع فنونها من فقه وأصول ونحو وصرف ولغة وتفسير وتجويد وغيرها، وحدثت مزاوجة بين نظام المحظرة التقليدي و بين الشكل الحديث المتمثل في فرع مدارس ابن عامر ثم معهد محمد المشري الذي تم إنشاؤه في بداية الثمانينيات، حيث تم اعتماد أسلوب السبورة والتـدريس الجمــاعي.
و ضمن التطور الذي شهدته المحظرة، تم إنشاء مقر خاص بها في منطقة شبه منعزلة عن المدينة أطلق عليها اسم “الشام”، تقع على الكثيب غرب المدينة حيث يتوفر الجو المناسب للدراسة والتدريس، كما تم تكييف المناهج الدراسية المتبعة وطرق التدريس لتتلاءم مع المتطلبات العصرية. ويتابع الدراسة في المحظرة الآن ما يتراوح بين ثمـانين ومائة طالب في شبه انتظام من بينهم عدد من الشباب الوافدين من خارج موريتانيا ويتضاعف هذا العدد في الغالب خلال العطل الصيفية.
وتتولى التدريس في المحظرة نخبة من الأساتذة الذين أضافوا إلى علومهم المحظرية ثقافة عصرية متنوعة ويشكل بعضهم امتداد لشيوخ المحظرة السابقين.
وهناك يومان تقويميان خلال السنة تم إقرارهما بعد ملتقى المحظرة الأول الذي انعقد في القرية سنة 2001م, وقد درج على أن يكون اليوم الأول منتصف شهر يناير، والثاني بداية شهر أغشت.
وبموازاة الدراسة بمقر المحظرة، توجد حلقات علمية أخرى مستمرة للجميع كدروس الحديث التي يقدمها الحاج المشري في المسجد في أيام معينة من الأسبوع، وحلقة قراءة واستماع إلى أحاديث مختارة في المسجد بعد كل صلاة ظهر، ودروس أخرى في القرآن والحديث خلال أشهر رجب وشعبان ورمضان.
وللمحظرة فروع متفرقة داخل القرية، تدرس أغلبها القرآن العظيم وتجويده وتضيف إليه أخرى بعض متون الفقه والنحو والسيرة النبوية. ويصل عددها إلى 32 تجمعا تشرف النساء على 18 منها.
و الآن تتابع مجموعة من النساء تبلغ المائة، الدراسة بمركز الأم والطفل للتعليم النموذجي التابع لمعهد محمد المشري المحظري، يتولى تدريسهن السيد محمد بن الحاج المشري، وتتلقين دروسا في الفقه والتفسير والنحو، إلى جانب دروس في المعلوماتية واللغات.
وحسب الإحصائيات الرسمية، فقد صنفت محظرة معطى مولانا لدى إدارة التعليم الأصلي ضمن أهم عشرين محظرة في موريتانيا.